السلام عليكم و رحمة الله و بركاته,,
تخيل جزع الناس وهم يطلبون بدء الحساب ، ينادون أين ربنا ليحاسبنا ، لا أحد يسأل عنهم ...
وينادون أين الملائكة ؟..... كلنا خائفون أن لا نكون مستعدين لذلك اليوم .. فتخيل وقفة يوم القيامة ، تخيل الناس يقولون أين ربنا ليحاسبنا ، أين الملائكة ! أين ! أين ! أين ! ..
من سيسأل عنا ، أين ربنا لينظر إلينا ولو مجرد نظرة ، فإن نظرة الله إلينا رحمة ... !
-------------------------------------------
:: يوم الحساب ,, يوم القيامة ::
-------------------------------------------
تخيل البشرية وهي تجري نحو الانبياء وهي تجري نحو نبي تلو الآخر ...
تخيل لو أن جميع البشر اتجهوا نحو سيدنا آدم وهم يقولون كما جاء في الحديث : " يا آدم اشفع لنا عند ربك أن يبدأ الحساب ويقول آدم : نفسي نفسي " ..
تنبه ، لو كنت مؤمنا سيمر هذا اليوم كركعتين خفيفتين ، أما لو كنت عاصيا ولم تخش الله وقلبك لم يشعر البتة بخشية الله ، لو كنت غافلا عن الله في الدنيا حينها ستتألم هذا الألم ......
ويقول آدم : نفسي نفسي لقد غضب الله غضبة لم يغضب قط مثلها ، لست لها لقد أكلت من الشجرة اذهبوا إلى نوح ..
يا نوح اشفع لنا عند ربك أن يبدأ الحساب ، فيقول نوح : نفسي نفسي لقد غضب الله اليوم غضبة لم يغضب قط مثلها اذهبوا إلى إبراهيم ..
فيقولون : يا إبراهيم يا خليل الرحمن اشفع لنا عند ربك أن يبدأ الحساب فيقول : نفسي نفسي لقد غضب ربي اليوم غضبة لم يغضب قط مثلها ، لقد كذبت ثلاث كذبات ....".
وما هي الكذبات : حينما قال : ( بل فعله كبيرهم هذا ) .(الانبياء 63 ) . وحين قال : ( أني سقيم ) (الصافات 89)
وحين قال عن زوجته سارة بأنها أخته .
قد كان سيدنا إبراهيم يحاول هداية الكفار ، ولكنه مع هذا يخاف هذه الأمور في هذا اليوم ... فما بالكم بمن يكذب آلاف الكذبات كل يوم وليس ثلاث كذبات ويقول إنها كذبة بيضاء ...
وتذهب البشرية إلى موسى فيقولون : يا موسى اشفع لنا عند ربك أن يبدأ الحساب فيقول نفسي نفسي لقد غضب ربي اليوم غضبة لم يغضب قط مثلها لقد قتلت نفسا ... اذهبوا إلى عيسى
فيقولون : يا عيسى اشفع لنا عند ربك أن يبدأ الحساب ، فيقول : نفسي نفسي لقد غضب ربي اليوم غضبة لم يغضب قط مثلها غير أنه لم يذكر ذنبا ، اذهبوا الى محمد ....
وتتجه البشرية إلى حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم فيقولون يا محمد يا رسول الله اشفع لنا عند ربك
أن يبدأ الحساب فيقول : أنا لها أنا لها ...
فيذهب تحت العرش وينادي الله بأسمائه وصفاته ويحمد الله بمحامد لم يحمده بها أي إنسان من قبل فيقول المولى عز وجل : يا محمد ارفع رأسك وسل تعطى واشفع تُشَفَع فيشفع في أن يبدأ الحساب
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم : اذهب فانطلق الى النار ، فأخرج منها من كان في قلبه مثقال شعرة من إيمان ، فأخرج ناس كثيرون ...
ثم أعود أقول : يا رب ، ما يزال الكثيرون في النار فيحد لي حدا ويقول لي : أخرج من النار من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان ، فأخرج من النار الكثيرين ..
وبعد ذلك ، من كان له مثقال حبة خردل من إيمان فأخرج من النار الكثير ، ثم أستحي من ربي أن أستزيد ...
فيقول الله تبارك وتعالى : شفع حبيبي محمد ، لم يبقى إلا أرحم الرحمين ، أفلا أعفو أنا ، فيضع الله تبارك وتعالى قبضته في النار ، فيخرج
أناس من المسلمون لم يعملوا خيرا قط قد تفحموا ، فيلقيهم في نهر يقال له نهر الحياة فكأنما ينبتون من جديد ، ويكتب على جبينهم هؤلاء عتقاء الله من النار ، فيقال لهم اذهبوا فادخلوا الجنة ..
فيقول أهل الجنة هؤلاء الجهنميون ، فيقول الله تعالى : لا هؤلاء عتقاء الرحمن ، فيخرج منهم رجل فيقول له الله ..اذهب فادخل الجنة ...
فيذهب فينظر ، فيخيل إليه أنها ملأى
فيعود فيقول : يارب ، وجدتها ملأى ، فيقول الله تبارك وتعالى : أما ترضى أن يكون لك ملك كملك أعظم ملك من ملوك الدنيا ؟
فيقول : يا رب ، أتهزأ بي وأنت رب العالمين ؟ فيقول الله تعالى : لك مثل ملك أعظم ملك من ملوك الدنيا ومثله ، ومثله ، ومثله ، ومثله ، ومثله ......
فيقول العبد : رضيت يارب ، فيقول تبارك وتعالى : لك مثل ملك أعظم ملك من ملوك الدنيا وعشرة أمثاله ، ولك فيها ما اشتهت نفسك ، وتمنت عينك ، وأنت فيها خالد
أرأيتم كيف تكون الرحمة داخل العذاب ، فخشوا الله في الدنيا واخرجوا منها أنقياء ....
والنرجع الى البداية عند بدء الحساب بأمر شديد والناس غافلون ، ويبدأ الحساب بأن يؤتي بجهنم أمام أعين الناس فتوضع أمامهم
، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم : "يؤتى بجهنم يوم القيامة لها سبعون ألف زمام ، مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها " ..
وهذا يعني الملائكة الذين يجرون جهنم أربعة بلاين وتسعمائة مليون ملك وهم يحجزون جهنم عن البشر !!!!
وبمجرد أن تعرض جهنم تسقط كل البشرية على ركبها يقول الله تبارك وتعالى ( وترى كل أمة جاثية ) (الجاثية 28 )
أما الانبياء فهم واقفون يقولون جميعا كلمة واحدة :
يا رب سلم يا رب سلم "
فأين أنت حينها ! أين أنت ؟ وماذا ستفعل حينها ؟
يقول الله تبارك وتعالى : ( إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولائك عنها مبعدون (101) لا يسمعون حسيسها وهم في ما اشتهت أنفسهم خالدون (102)
لا يحزنهم الفزع الاكبر وتتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون ) (الانبياء )
فهل تزيدك هذه الآيه خشية أم تزدك خوف ؟
ثم تخيل الآن وقد بدأ الحساب ، ويبدأ الحساب بأمر جليل ، يأمر عظيم ... إنه قدوم الله عز وجل .
تخيل يقول الله تبارك وتعالى : ( وجاء ربك والملك صفا صفا ) ( الفجر )
فتخيل هيبة هذا الموقف ! وهل تعلم كيف ينادي على اسمك كما جاء في الخبر ، ينادي " فلان بن فلان هلم الحساب " . فمن شدة خوفه لا يتحرك .....
أين خشية الله في القلوب ؟ وماذا أعددنا لهذا اليوم ؟ وماذا سنفعل حين نقف بين يدي الله هذه الوقفة ؟ وما هذه المعصية التي تأخذنا ، وأي صلاة فجر تلك التي نضيعها
، وأي عمل الذي لا نؤدي حقه ، وأي أرحام قد أضعناها ، وأي عقوق والدين نرتكبه ، وأي حب وهمي نبحث عنه في غير الزواج ، وماذا نفعل يا إخوتي وإلى أين نذهب وإلى أي اتجاه !
فلان بن فلان هلم للعرض على الجبار " فمن شدة رعبه يزرق وجهه ، ولا يتحرك ، فما تعرفه الملائكة إلا من شدة خوفه ، فالملائكة تعرفه من بين الملايين
أكثر شخص خائف ... فيجرونه للعرض على الله عز وجل .
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم " ما منكم من أحد إلا وسيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدم ، وينظر منه فلا يرى إلا
ما قدم ، وينظر بين يديه فلا يرى إلا النار تلقاء وجهه فاتقوا النار ولو بشق تمرة " (أخرجه البخاري ومسلم )
تخيل وأنت تسأل بين يدي الله ، يا فلان - الله يكلمك - ألم أنعم عليك ، ألم أرزقك جمالا وآمرك بحجاب ! ألم أرزقك أبا وأما وقذفت في قلبيهما حبك !
لم كنت عاقا بهما ؟ ألم أرزقك قوة ! استعنت بقوتي على معصيتي ! يا فلان استهونت بلقائي ! أكنت عليك هين ! استخففت بنظري إليك في الدنيا ! ...
إخوتي إن هذا الكلام سيحصل ....
ثم انظر وهو يقول لك : اقرأ كتابك يا عبدي ، فلو كان قلبك ليس خاشعا وقلبك بعيد عن الله في الدنيا ! اقرأ ... فعلت كذا يوم كذا ، فلو كنت تقرأ أمام أبيك
ما ارتكبته من المعاصي تخجل ! فما بالك وأنت تحمل كتابك ! ... اقرأ كتابك يا عبدي ! تخيل هذه الوقفة ...
ثم انظر إليه وهو يقول إذا غضب والعياذ بالله : اذهب يا عبدي فإني عليك غاضب !
فلا أغفر لك ولا أقبل منك خذوه يا ملائكتي فإذا سمع الأمر الملائكة ابتدروه ،
" فيبتدره مائة ألف ملك " يقولون : عبد لعنه الله وغضب عليه ، كيف بارزت ربك بالمعاصي في الدنيا ....
من يتخيل هذه الوقفة !
أما لو كنت مؤمنا فيقول الله له تبارك وتعالى : عبدي ادن مني فيغمرك نور الله وجلال الله عز وجل ، فيقول الله له عز وجل : عبدي ادنُ مني ويرخى عليك ستره
ويقول لك : أتذكر ذنب كذا أتذكر ذنب كذا أتذكر ذنب كذا حتى
يظن العبد أنه هالك فيقول لك عز وجل : سترتها عليك في الدنيا وها أنا أغفرها لك اليوم اذهب يا عبدي لا أفضحك قد غفرت لك
فتخيل معي فرحتك وهو يقول لك : " اذهب فقد غفرت لك ! "
-------------------------------------------
:: النهاية ::
-------------------------------------------
فهل بعد هذا نخشى الله أم لا ؟ وهل خشيتنا تكون خشية حب وإقبال ورغبة أم خشية خوف ورعب وهروب واضطراب ؟ فليست هذه الخشية التي يريدها الله ،
حتى إنه تعالى حين تكلم عن الخوف تكلم عنه وغلفه بالرحمة ، فقال : ( ولمن خاف مقام ربه جنتان ) (الرحمن : 46 ) ......
أفهمتم معنى خشية الله !
وهل أنتم مستعدون للحساب !